بــــــــــــلاغ صحفي على إثر الندوة الصحفية التي انعقدت بدار المحامي يوم 12 سبتمبر 2017

نشر في 2017/10/26, 58:59:10

الانتصار للمحاماة انتصار لتونس
يهم الهيئة الوطنيّة للمحامين أن تعبّر في هذا البيان عن مشاغل المحامين و مطالبهم كما يهمها أن تقدم قراءتها لما طرأ في الشّأن العام من مستجدات و مواقف و ما تلحّ عليه الهيئة هو أنها ليست مجرد هيكل مهنيّ نقابيّ يدافع عن مصالح منظوريه بل هي منظمة وطنيّة عريقة وعتيدة تعايش هموم التّونسيين و مشاغلهم و تنطق بلسان حالهم.
و لقد كان المحامون على امتداد تاريخ المحاماة التّونسية منذ حركة التّحرر الوطني إلي اليوم مرورا بكل المنعرجات التاريخية الحاسمة الصوت المرتفع الذي يصدع بالحق و يدافع بإستماتة و عزم راسخ عن راية الوطن.
ولمّا كان قطاع المحاماة بصفة خاصة و مرفق العدالة بصفة عامة يشكوان من مشاكل و عوائق جمّة و لما كان الوضع العام في البلاد وضعا دقيقا و حرجا فإنّنا ننبه بكلّ جدية و وضوح إلى المعطيات التّالية و ذلك من باب تحمل المسؤولية التّاريخية الملقاة على عاتقنا و من باب إنارة الرّأي العام الوطنيّ و دفعه إلى اليقظة والإنتباه.
حكومة التّجاهل واللامبالاة
إيمانا من الهيئة الوطنيّة للمحامين بدورها الوطنيّ في مراقبة الشّأن السياسيّ العام بعيدا عن كلّ التّجاذبات السياسيّة فإنّها ظلت تتابع عن كثب المشاورات المتعلّقة بالتّحوير الوزاري رغم عدم تشريكها في هذه المشاورات والحال انّها الفاعل الاساسيّ من بين القوى الوطنيّة. و بغض النظر عن مدى رضاء الهيئة عن هذا التّعديل أو تحفظها عنه فإنّها تؤكد أن الفراغ الذي سبق الإعلان عن التّحوير قد أدي إلى انكماش الإدارة و تعطلها في مؤسّسات عديدة و أن المشاورات قد استغرقت حيزا مطولا أثّر على سير دواليب الدّولة و مرافقها ، وبناء عليه فانّ إجراء التّعديل أمر إيجابي في حد ذاته لكن نجاحه يظل مشروطا بنوعية البرامج التي سيسعى الوزراء إلى تحقيقها كما يظل مشروطا بالأهداف المرسومة و بالآجال المحدّدة لتحقيقها و مهما يكن من أمر فان الحكومة مدعوة إلى توخي سياسة جديدة في التعامل مع الهيئة الوطنية للمحامين ، سياسة قائمة على الإنصات الحسن و التّفاعل الايجابي مع مراسلات الهيئة و مطالب المحامين. و أنّه ليؤسفنا أن نعلن للرأي العام أنّ الحكومة إعتمدت سياسة الصمت والتجاهل إزاء مطالب المحامين المهنيّة المشروعة ( مراسلا ت الهيئة و هي كثيرة نذكر منها على سبيل الذكر لا الحصر المراسلة الموجهة إلى السيد رئيس الحكومة بتاريخ: 19 أفريل 2017 و المراسلة الموجهة إلى السيد وزير العدل بتاريخ: 15ماي 2017 و اللائحة الصادرة عن ندوة الفروع بتاريخ 15 أوت 2017.
إنّ الحكومة لم تكتفي بالتّجاهل والصمت بل تعمّدت سن قوانين مستحدثة و اتخاذ إجراءات جديدة من شأنها أن تزيد الوضع تأزما وأن تدفع بقطاع المحاماة و بمرفق العدالة إلى أن مزيد من الإحتقان والتّردّي ، و ما يدعو إلى الرّيبة هو أن هذه الإجراءات المستحدثة الجديدة تتخذ في الكواليس و تدبر بليل دون استشارة المحامين أو التّحاور معهم فلا تشاور و لا شفافية بل تكتم و انفراد بالرأي و لا أدلّ على هذا الأمر من التّسريبات المتعلقة بمشروع قانون المالية الجديد لسنة 2018 و هي تسريبات تؤكد نزوع الحكومة إلى إثقال كاهل المحامين بإتاوات جديدة إضافة إلى تلك التي أقرها قانون الميزانية لسنة 2017 و هي إتاوات لا تثقل كاهل المحامي فقط و إنما تثقل أيضا كاهل المتقاضي بمعاليم إضافية و تمسّ تبعا لذلك من حقّه الدّستوري في الولوج إلى العدالة و ضمان مجانية التّقاضي.
الواضح أن الحكومة لا تنصت إلى المحامين و لا إلى غيرهم من أبناء الشعب بصفة عامّة والطبقة المتوسطة والهشة بصفة خاصّة. 
ونحن إذ نعتبر انّ مقاومة الفساد من أهداف الثورة فإنّنا نساند الحكومة في توجهها لمكافحة الفساد ونؤكّد أنّ الاستثمار في هذا الخيار الوطنيّ يبقى أهم الحلول الكفيلة في تعبئة موارد الدولة المالية 
إنّ تنشيط الدّورة الاقتصاديّة يمرّ حتما بخلق مناخ قانوني سليم وشفّاف تكون فيه منظومة العدالة الركيزة الأساسية ويتوّجب حفظ مكانة المتدخلين فيها كفاعلين رئيسيين في إقامة العدل وتعصيرها حتى لتحقيق الأمان القانونيّ المنشود ذلك الشرط الذي لا محيد عنه لدفع الاستثمار والتنمية .
وضع مهني متأزم
فضلا عن صعوبة الوضعيّة الماديّة لأغلب المحامين و خاصّة الشّبان منهم و فضلا عما لاحظناه من استهداف غير مبرر لأعداد كبيرة من المحامين و ذلك عبر إخضاعهم للمراجعات الجبائيّة تارة و التّعسف من قبل الإدارة في تطبيق القانون و عدم الاعتراف بالنصوص التطبيقية الصادرة عن مصالح وزارة المالية تارة ثانية فان المحامي يعاني يوميا من بطء الإجراءات و تعقيدها فلا شبابيك مخصصة للمحامين سواء بالنسبة إلى الإرشاد أو تسلم الأحكام و لا احترام لتواريخ التصاريح الجزائية و المدنية في مواعيدها المضبوطة و لا عدد محدد معقول من الملفات خلال جلسات القضاء يتيح للمحامي ممارسة حقّ الدّفاع في إطار مريح حفاظا على حقوق المتقاضين و لا ظروف مناسبة متوفرة للمحامين أثناء زيارتهم لمنوبيهم داخل المقرّات السّجنية ومراكز الإصلاح.
و ما جعل الوضع يزداد تأزما إجراءات أخرى من أبرزها مزاحمة الإدارة للمحامي في تحرير العقود النّاقلة لملكية العقارات المسجلة و تخويل غير المحامين من حق تحرير العقود الأساسيّة للشّركات وتمكين أسلاك أخرى من حقّ التّرافع أمام المحاكم وانتشار المتطفلين على العدالة انتشارا لا يؤدي إلى ضياع حقوق المتقاضين فقط و إنّما يضيق الخناق على المحامين لاسيما الشبّان منهم و يحرمهم من ممارسة عملهم في ظل انتشار الوكلاء و السماسرة....كل ذلك في مخالفة صريحة لأحكام الفصل 2 من المرسوم المنظم لمهنة المحاماة. 
حوار جديّ ... أو تعبئة و رصّ للصّفوف
بالرّغم من تعنت الحكومة وتجاهلها لمطالب المحامين و بالرّغم من استهدافها المباشر للمحامي و إثقالها لكاهله بمزيد من الأتوات والمعاليم . و كان أحرى بها أن تبحث عن بدائل أخرى كالتّصدي للتّجارة الموازية أو سنّ تشريعات لاحتوائها و جعلها تنخرط ضمن الاقتصاد الرّسميّ و مؤسّساته و فرض جباية عادلة ومنصفة على الجميع طبقا لأحكام الدستور. 
يكفي المحامون أنهم يساهمون في تعبئة موارد الدولة من الجباية نصف ما تساهم به 20 مؤسّسة عمومية صناعية وخدماتية من الصنف الكبير . 
يكفي المحامون والمحاماة أنّها تستوعب أكبر عدد من حاملي الشهائد العلميّة وتساهم في الحفاظ على مواطن شغل لأكثر من 10 الاف كاتب محام وخلق مواطن شغل جديدة .
بالرغم من كل ذلك فإنّنا نجدد دعوتنا للحكومة إلى الدخول في حوار جدي مع الهيئة الوطنية للمحاماة كما ندعوها إلى الالتزام بمخرجات هذا الحوار. 
وندعو عموم المحامين في كافّة أرجاء الوطن إلى التعبئة العامة و رصّ الصّفوف و الإستعداد للدّخول في تحرّكات نقابيّة و نضاليّة دفاعا عن المحاماة و انتصارا للوطن.
عاشت المحاماة مستقلة موحدة أبية

عاشت تونس حرة منيعة أبد الدهر 

أنشر هذه الصفحة